إن غاب صوتي عنكم ، دونكم رسمي *** فالرسم أبلغ شرحاً عن ذوي الهــــمّ
ولا تقولوا ( فلانٌ ) ذا ، فلم يكُ لـــــي *** باسمي نصيبٌ ، ولكن مقلتاي اسمي
قولوا : غريبٌ أتى الدنيا فقلّبهـــــــــــا *** يبغي السعادة حتى فاز بالــــــــــوهمِ
قولوا : ظميّ أتى وِرد الحياة فمـــــــا *** كانت تجــود لــه إلا بما يُـــظــــمــي
رأى منـــاهُ بـــوادٍ غيـــــــر ذي أمــلٍ *** كما يـــلوحُ مصــيرٌ في يـــدِ الخـصمِ
جازى على السوءِ إحساناً وتكــــرمـة *** وصاحب النور لكن عاد بالعـــــتـــــمِ
واستصحب الناس أطـــواراً وأفئــــدةً *** فمل رأى غـــير ختـــّالٍ وذي لــــــؤمِ
إن واصلوا فلِكيْـــدٍ بيـــن أضلـُـــــعِهم *** كالحرب تقبع بين السّــــلـــمِ والسّــــلمِ
عاش الغريب بــأرضٍ من قـــبائـــلـها **** أرسى خُطاهُ على ارضٍ من الحُــــــلـمِ
وما ابــــنُ آدم إن لـم يدرِ مقــــــصِدهُ *** وأيّ عـــيـــشٍ شراءُ الــوم بالعــــــزمِ؟!
وليس طــالب مجدٍ عزّ مــــطــــلبـــهُ **** كطالب المجد بين العــــــودِ والــــكَرْمِ
رأيتُ عمــريَ في صابٍ وفـي عسلٍ *** يدنــــو فحـــيّــيتُهُ بالغُــــرمِ والغُــــنــــمِ
أحيا لأيامِ نـفسي إن بســــمْـــنَ لــــها *** وإن عبـــسنَ ملـــكتُ النــفس بالحِـــلـــمِ
أقــيمُ فــي الفلــــكِ الدوّار أرقُــــبُـــهُ *** لعل نجمــي يعــلـو ناسخـــاً شـــؤمـــــي
فأغنـــمُ النجـــمَ إذ تعـــلو منــــــازلهُ *** فــربّ منـــزلةٍ يـــهوي بــــها نجـــمـــي
فما تبيّـــن كُـــنْـــهُ العجــزِ في خـَلَدي *** وما توضّح معنى اليأس فــــي فـــهمـــي
وما وجدتُ على ما فــــات لــي ندماً *** وما تأسّـــفتُ لـــمّا لم يُصِـــب ســهـــمـي
أصبو لحُسـنِ غدي ملء الزمانِ وكم *** أحِـــنّ للأمـــسِ ، لكن عـاشـقٌ يومــــــي
انا ابـــنُ آدمَ فـي خلـــقي طبائـِــعـُـهُ *** يـــجرينَ مـــنّي مــجرى الروحِ في الجسمِ
عقلٌ وقلبٌ هــما زادي ومــنــزلتــي *** ينســـجن عــمري مــن خــيرٍ ومـــن إثــــمِ
خلقتُ ميتاً و روحي في دمي طرأت *** وســـوف ارجـــع ميـــتاً غـــيــر ذي حُــكـمِ
أتيــتُ دنــيايَ لــم أخــترْ بــها نـُزُلاً *** وســـوف أرحـــل عن دنـــيايَ بالـــرغـــــمِ
أنا ترابٌ تغــشّتـــهُ الحيـــاةُ دمـــــــاً *** و والموتُ يقبـــع بـــين اللــحـــمِ والعظمـــمِ
كفى من الموتِ قرباً أن تكون ، فهل *** أعــطيــتَ عـــمركَ غـــيــر الصحــوِ والنومِ ؟
يا من يلومُ على حريـــتي ســـفَـــهـاً *** لـــو كــنــتَ فكّـــرتَ ، ما بــادرتَ باللــــومِ
فقل لشيخِكَ إن لامــــت شــرائــــعُهُ *** إلــيّ بــالــفــرق بــيــن العــــدل والــظـــلــمِ
وما التذاذي بالدنـــيا و زُخرُفــــــهـا *** وكــل مـــا ابـــتنــي يـــومـــاً إلــــى هـــــدمِ
لله هذا الــورى مــا كــان أولـــعـهم *** بالــــظـــلم يــحفـزهـــم قُــدماً إلـــى قُـــــــدمِ
وما يــُذمّ حديــــثٌ في الأنامِ كمـــن *** يــقضـــون أعــمارهـم فـي المــــدحِ والــــذمّ
فما حياتـُكَ بين الناسِ فـــي زمــــنٍ *** تـحــيا تُـحـاذِرُ مــــن حــيّــاتِـــــهِ الـــرّقـــــمِ
إني تجنبْتُ من عيبِ امريءٍ نظـري *** ومــقلــة الـفــضلِ عــن عــيبِ الــورى تُـعمي
وما جــهلــتُ عيــوبي غير أن لهـــا *** لــبـاســـها مــن نسـيــجِ الـــعِـــلـــمِ والــحــزمِ
شــكــوتُ لــله مـا ألــقـاه بــينــهـــمُ *** ومــا أتـيــــتُ لــــديـــهم بالــــذي يــــصــمـي
ظُـلِـمـتُ بالناسِ حيناً ، فاحتملتُ إلى *** أن هـــدّنـــي الظــلـــمُ لـــمّـــا كــانَ مـن قومي